تحركات قحت المركزي لإلحاق كيانات بالاتفاق توسيع مظلة الإطاري.. قصة (خلط الماء بالزيت)

يبدو أن المجلس المركزي للحرية والتغيير عازم على الحصول على أكبر عددٍ من الكيانات السياسية المختلفة للوقوف إلى جانبه، بعد توقيعه على اتفاق إطاري الأسبوع الماضي مع قادة الجيش، وهو ما بدا واضحاً بعدما أعلن عن أولى خطواته بأن تكون ضربة البداية الجلوس مع أطراف السلام في مساعٍ لإلحاقهم ثم التحوّل إلى تيارات أخرى.
وفي مطلع الأسبوع الحالي كشف المجلس المركزي للحرية والتغيير عن خطوة أولية تشمل التواصل مع أطراف السلام في الأيام المقبلة، من أجل إمكانية الوصول معهم إلى نتائج إيجابية تساهم في انضمامهم إلى التحالف العريض للاتفاق الإطاري.
مرحلة المشاورات
حسناً، ولعلّ الخطوة التي أعلنها المجلس المركزي للحرية والتغيير باختيار أطراف السلام كانطلاقة أولى في مرحلة المشاورات بعد عملية التوقيع، تطرح تساؤلاً عريضاً يحتاج دون شك إلى إجابة عن سرّ اختيارها ذلك، في وقتٍ تنادي فيه أصوات عالية داخل أطراف السلام بعدم التوافق مع رؤية المجلس المركزي من الأساس.
وفي الوقت الذي ظهرت فيه تحالفات أو كيانات مختلفة رافضة لفكرة الاتفاق الإطاري وأعلنت المقاطعة وعدم المناقشة من الأساس، فاجأ رئيس حزب الأمة برغبته في التوقيع والانضمام إلى الركب، فهل تحفز خطوة الحرية والتغيير بتواصلها مع أطراف السلام بقية الكيانات والقوى الأخرى، أم أن الأخيرة ستنظر لترى ما ستسفر عنه نتائج مباحثات الطرفين ومن ثم تحديد الموقف النهائي؟
ويعيش السودان منذ الخامس من ديسمبر الجاري على وقع حالة انقسام حول التوقيع على الاتفاق الإطاري الذي بصم عليه المكون العسكري وتحالف الحرية والتغيير المجلس المركزي ومجموعات متحالفة معه، ومازالت تتواصل حتى اليوم دون ظهور بارقة أمل.
ولكن هذا الانقسام لم يجعل مركزي الحرية والتغيير يتجاهله، وهو ما يبرز في الواجهة إعلانه عدم إغلاق باب المناقشات والجلوس مع هذه الأطراف للتعرّف على وجهتها وأسباب رفضها، حتى الوصول إلى صيغة وسطى تعجّل بالانضمام.
معضلة الإجماع المطلوب
ويرى المحلل السياسي عبد الرحمن أبو خريس، أنّ المجلس المركزي للحرية والتغيير وجد نفسه أمام معضلة حقيقية بعدم تحقيقه الإجماع المطلوب حول الاتفاق، مشيراً إلى أن ذلك جعله يفكّر في خطوة الانفتاح على المجموعات الأخرى لكي تلحق بالركب ـ على حدّ قوله.
وأشار أبو خريس في رؤيته التحليلية إلى أنّ مركزي الحرية والتغيير عمل على فرض الاتفاق بصورةٍ كبيرةٍ على بقية الكيانات، ولذلك واجهته تحديات أعاقت خطوته. وأضاف قائلاً: (أعتقد أن تحالف الحرية رأى أنه لم يحقق الإجماع حول الاتفاق الذي يعد أهم قيمة للتحول الديمقراطي وهو الرأي الآخر، ولذلك واجه صعوبات، لأنّ هناك قوى كثيرة خارج الاتفاق الإطاري، وبطبيعة الحال فإنّ ذلك لن يكون في مصلحة الانتقال الديمقراطي بأي حالٍ من الأحوال).
وأوضح أبو خريس أن الخطوة التي قام بها تحالف الحرية والتغيير المجلس المركزي بانطلاقة محادثاته مع أطراف السلام تبدو طبيعية، باعتبار أنه بدأ يبحث عن توسيع المظلة وفي نفس الوقت الحصول على المساندة.
وتابع قائلاً: (في اعتقادي أن تحالف الحرية والتغيير كان يرى أن التوقيع على الاتفاق قد يجعل بعض القوى الأخرى تأتي مجبورة للحاق به، ولكن حدث العكس، والدليل على ذلك التحديات التي بدأت تلوح ماثلة أمامنا من رفض وغيره).
وأكمل قائلاً: (حالياً ما يقوم به تحالف الحرية والتغيير وتحديداً إطلاق تحركاته بلقاء أطراف السلام، هو بادرة من أجل الحصول على المساندة من القوى الاجتماعية والسياسية حتى تتمكن من المساهمة معه في تشكيل وبناء الدولة ونجاح الفترة الانتقالية، خاصة أن لديه فترة شهر لتعيين رئيس مجلس وزراء).
مؤيّدون دون إجراء تعديلات
ويعتبر أبو خريس في حديثه أنّ مساعي مركزيّ الحرية والتغيير للحصول على مؤيدين في الوقت الراهن دون إجراء أية تعديلات على الاتفاق لن يجعل الخطوة تكلّل بالنجاح على الإطلاق، لجهة أن إغلاقه والمضي على طريقة ــ شاء من شاء وأبى من أبى ــ لن يصلح ما يود الحرية والتغيير تطبيقه.
ويضيف قائلاً: (تفكير الحرية والتغيير ــ المجلس المركزي في ضم الكيانات الأخرى دون مناقشة الاتفاق الإطاري ذات نفسه والقضايا العالقة، لم يؤدّ إلى نتيجةٍ، وأنا في اعتقادي أن استقطاب التنظيمات فقط لدعم الاتفاق لن يكون مجدياً).
ويرى أبو خريس أن تحالف الحرية والتغيير يعمل بخطواته التي يمضي فيها حالياً بخلط الماء بالزيت، لجهة أنّه غير قادرة على تحديد رؤيته.
وأردف قائلاً: (تحالف الحرية والتغيير لا يدري ماذا يريد من قوى غير موقعة، ويريد ضمّهم دون إبداء رأيهم، فهو يريد تنظيمات من أجل محاصصات). وشرح ذلك قائلاً: (تفسير خطوة الحرية والتغيير الأخيرة يبدو أنّها تمضي في اتجاه محاصصات على طريقة تعالوا انضموا إلينا لمنحكم وزارة وهكذا).
وتابع قائلاً: (التحرّكات يبدو أنّها بغرض المساومات السياسية والاستقطاب الضيّق، وهذا لن يفيد بأي حالٍ من الأحوال، وسنكون في دائرة مغلقة، وأنا أرى أن الاتصالات يجب أن تتوسّع لمناقشة الاتفاق ومبادئه وإرجاعه إلى دائرة التوقيع مرة أخرى، ولكن ليس من أجل ضمان فكرة ومشاركة السلطة ومن ثم التوقيع للحصول على حقيبة في الحكومة). وأكمل قائلاً: (مناقشة بنود الاتفاق وحل القضايا الخلافية فيه، يمكن أنّ تسهم في عملية تحقيق وتأمين الفترة الانتقالية).
استقرار سياسي للحكومة
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين، مصعب محمد علي، فيعتقد أن خطوة مركزي الحرية والتغيير جاءت موفقة بإعلان ضربة البداية بالتشاور مع أطراف السلام المختلفة، بهدف توسيع مظلة الاتفاق الإطاري.
ويرى مصعب في حديثه أن ذلك سيعمل على زيادة عدد المشاركين في الاتفاق، وبالتالي تحقيق أكبر توافق في العملية السياسية.
ويشير محمد علي إلى أن إشراك أطراف عملية السلام الرافضين لخطوة الاتفاق الإطاري والمساهمة في انضمامهم إلى العملية، سيسرع البدء في مشاورات الإعلان السياسي النهائي.
ويضيف قائلاً: (في رأيي أن نتائجها ستكون إيجابية بالنسبة لبقية المكونات، بحيث أنها ستقلل من الرافضين للاتفاق، وبالمقابل ضمان استقرار سياسي للحكومة التي ستكمل فترة الانتقال).
ويشير مصعب في سياق حديثه إلى أن نتائج مشاورات المجلس المركزي مع أطراف السلام، حال جاءت نتائجها سلبية، قد تربك المشهد بصورةٍ كبيرةٍ.
وأتمّ قائلاً: (إذا جاءت النتائج سلبية قد تؤثر في الاتفاق وتضعفه، وذلك  يؤدي الى الفشل في تحقيق حل للأزمة السياسية في السودان).

أحدث أقدم