توفي العديد من الأشخاص نتيجة مضاعفات مرض السكري، حيث تم دفن بعضهم بملابسهم، بينما تم إلقاء آخرين في المياه، كما عانى آخرون من فقدان البصر أو الجنون، في حين تعرض عدد من السجناء لمشاكل في الكلى نتيجة التعذيب الذي تعرضوا له من مليشيا دقلو.
هذه الأوضاع المأساوية تعكس الظروف القاسية التي عاشها النزلاء في
السجون، حيث كانت حياتهم مهددة بشكل يومي.
يستعرض النزيل السابق (ي، ق) تجربته المؤلمة التي استمرت 55 يومًا في
سجن مدني، حيث كان من بين 7000 نزيل في سجن عاصمة ولاية الجزيرة، خلال فترة
احتجازه، تعرض للضرب والإهانة والجوع، دون أن يتم توجيه أي اتهام واضح له.
ومع ذلك، تم الإفراج عنه مع حوالي ألفي نزيل آخر، بعد أن بدأت النيابات
في العمل على إطلاق سراح المئات من السجناء، وذلك عقب الفضيحة التي نشأت عن حالات
الموت الجماعي داخل السجن بسبب الأمراض، التعذيب، ونقص الرعاية الصحية.
خلال فترة احتجازه، شهد (ي، ق) وفاة 137 سجينًا نتيجة مرض الكوليرا
والتعذيب، بعد أن قضى 22 يومًا في المستشفى، وعند عودته إلى المعتقل، اكتشف أن نفس
العدد من النزلاء قد توفوا خلال فترة غيابه، يُشير إلى أن معظم هؤلاء المتوفين
كانوا يعانون من مضاعفات مرض السكري، مما يبرز مدى القسوة التي عاشها السجناء في
تلك الظروف المروعة.
ذكر (ي، ق) أنه تم احتجازه في ثلاثة معتقلات مختلفة، الأول في حنتوب
بعد الجسر مباشرة، والثاني في القاعة التابعة لاتحاد المزارعين، حيث كانت تُستخدم
كمعتقل.
في هذا المعتقل، فقد العديد من المواطنين حياتهم نتيجة الازدحام
الشديد، حيث كانوا مقيمين في مكتب ضيق يضم 77 شخصًا دون تهوية كافية. كانت الطعام الذي
يقدم لهم عبارة عن قطع من الخبز الجاف بدون ملح، وتوفي بعض السجناء نتيجة لفقر
الدم والاعتداءات.
أشار (ي، ق) إلى أن قوة العمل الخاصة قامت بقتل المئات من المدنيين
الذين ظلوا في منازلهم ولم يغادروا، وقد نشبت اشتباكات بين قوات درع السودان وقوات
جهاز الأمن التي نفذت عمليات التصفية، مما أدى إلى توقفها، كما منعت قوات مشتركة
استكمال عمليات التصفية داخل المدينة.
أشار النزيل إلى أن عمليات التصفيات كانت تتم من عدة جهات، حيث قامت
الشرطة بقتل الشرطيين الذين سلموا أنفسهم إلى أقسام الشرطة، واعتبرت أنهم لم
ينسحبوا مع الجيش عند دخول مليشيا دقلو للمدينة، الأمر الذي اعتبرته تواطؤًا.
تم اعتقال المئات من المسنين وكبار السن والنساء والأطفال دون سن 16
عامًا، حيث بلغ عدد المعتقلين 7 آلاف داخل سجن مدني. علاوة على ذلك، أدى الجوع
والعطش بالإضافة إلى الانخفاض الحاد في أوزان المعتقلين إلى وفاة المئات منهم، كما
أن من كانوا يعانون من أمراض مثل الضغط أو السكري توفوا نتيجة لعدم توفر العلاج
المناسب.
كان الطعام مكونًا من بليلة وكوب من الماء، ولم تكن هناك إمكانية
للاستحمام في المعتقل، مما تسبب في انتشار القمل على أجساد المحتجزين وأدى إلى
ظهور العديد من الأمراض والحمّيات.
أفاد النزيل بأن أكثر من 100 شخص قد توفوا نتيجة الكوليرا، وأن الجثث
كانت تبقى ملقاة في الشمس داخل أكياس الموتى لمدة 4 أو 5 أيام حتى تتعفن، دون أن
يتم دفنها.
وبسبب الزيادة في حالات الوفاة الناتجة عن انتشار المرض، وأشار
السجين إلى أن معظم الذين أُطلق سراحهم من المعتقل يعانون من مشاكل نفسية مثل
الجنون، بينما خرج الذين أُطلق سراحهم كأنهم هياكل عظمية.