مسارات موجبة


“السودان /الخرطوم: كي نيوز” بقلم ✍️ الدكتور أسامة محمد عثمان حمد …

العدل و الإحسان  موجبات الود

الود بين الناس عميق احساس بالدواخل نتاج تراكمات كثيرة طيبة وبطيبها كان وجود هذا الشعور الطيب النبيل الذي لا يشتري بالمال ولكنه الإحسان هذه الكلمة التي ذكرت في القرآن في مواطن عده لما لها من عظيم أثر على حياة الإنسان… لذلك جاء النص في قوله تعالى هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60)سورة الرحمن وهل هنا تفيد ثواب خوف مقام الله عزّ وجلّ لمن خافه، فأحسن في الدنيا عَمله، وأطاع ربه، ليحسن إليه في الآخرة ربُّهُ، بأن يجازيه على إحسانه ذلك في الدنيا، والذي جاء تأكيده مضاعفاً في هذه الآيات من قوله: وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ … إلى قوله: ﴿كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ﴾.

ونحن نرتكز على مرجعيتنا الأولى في الاستدلال وهو الإسلام حيث يعد الإحسان مرتبة عالية من مراتب الدين الثلاثة، بعد الإسلام والإيمان، فهو يعني عبادة الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، فقد ورد في السنة قول النبي محمد -صلى الله عليه- وسلم في تعريف الإحسان: «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» «رواه مسلم وابن ماجه».

وهنا لمزيد من التأكيد على عمق رسوخ معنى الإحسان في الدين ودوره في ترابط المجتمع وتنزيل معاني العطاء والعدالة يقول تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ سورة النحل.

إذا هو أمر من ضمن الفرائض فهو عبادة حقه وربط الأمر بإيتاء ذي القربى وما لحق به من نهى في الآية الكريمة، أن ما تحمله هذه الآية من معان عظيمة كفيلة بأن تجعل المجتمعات تعيش في سعادة أبدية بعيدة عن المشاحنات والتباغض والحسد إذا ما تنزلت هذه القيم، فيا لجمال التعبير القرآني في ربط العدل بالإحسان ومن ثم بالعطاء لذوي القربى صلة وبراً وهذا ما يعمق الإحساس بالود والتراحم بينهم ولمزيد من تعميق المعنى جاء النهي عن الفواحش التي تحول دون ترسيخ القيم السابقة فتباعد بين الناس وبين العدل والإحسان والعطاء وينهى عن كل ما قَبُحَ قول أو عمل وعم ينكره الشرع ولا يرضاه من الكفر والمعاصي، وعن ظلم الناس والتعدي عليهم، والله -بهذا الأمر وهذا النهي- يَعِظكم وَيُذَكِّركُمْ العواقب؛ لكي تتذكروا أوامر الله وتنتفعون بها.

ويدخل في باب الفحش المفضي إلى ضياع الأجر في الدارين والمباعد بين العمل وقيم العدالة والإحسان المفضي إلى مزيد من الخصومة والفجور وعدم استحقاق الأجر الموعود من الله تعالى فانعكس الوعد الي وعيد قَالَ الله تعالى ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى﴾ (262‪ سورة البقرة) وفي آية أخرى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى﴾ (264‪ البقرة(.

وعنْ أَبي ذَرٍّ ، عن النبيِّ ﷺ قَالَ: ثَلاثةٌ لا يُكلِّمُهُم اللَّه يوْمَ القيامةِ، وَلا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَلا يُزَكِّيهِمْ، وَلهُمْ عذابٌ أليمٌ، قَالَ: فَقرأها رسولُ اللَّه ﷺ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. قَالَ أَبُو ذرٍّ: خَابُوا وخَسِروا، مَنْ هُمْ يَا رسولَ اللَّه؟ قَالَ: المُسْبِلُ، والمَنَّانُ، والمُنَفِّقُ سلعتَهُ بالحَلِفِ الكَاذبِ رواه مسلم، اللهم إنا نستعيذ بك من أن نكون من أمثالهم فالمن يمحق الإحسان ويذهب عنكم أجره فلا تذهبون حسناتكم فتتحسرون عليها ولا تزكون أنفسكم هو أعلم بكم وبنواياكم فكونوا عباد الله إخوانا واعدلوا وأحسنوا لأنفسكم وافقوا عطاء دون من ولا تنسون الفضل بينكم والله لا يضيع أجر المحسنين، إن الإحسان عملٌ عظيمٌ، ينتج عن النفوس السليمة التي يدبُّ فيها الخير؛ ليتَّجه إلى جهات كثيرة؛ ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء))، وتذكروا أن الجزاء الأوفى والثواب الأوفر للمحسنين، بانتظارهم عند الله الكريم يوم لقائه، يحبُّهم، ويرضى عنهم، ويُكرِم نُزُلَهم، ويغفر خطاياهم، وُيدخِلهم جنةً عرضها السماوات والأرض؛ قال تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ 26 سورة يونس)، فما أجمل أن يجمعنا الله على طاعته ومحبته مودة بيننا في الدارين.اللهم اجعلنا منهم.

أحدث أقدم